الرجل: قد يطلق ويراد به الذكر: وهو ذلك النوع المقابل للأنثى،
وعند إطلاق هذا الوصف لا يراد به المدح وإنما يراد به بيان
النوع كما قال تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون
وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر)،
(وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة).
وقد تطلق الرجولة ويراد بها وصف زائد يستحق صاحبه المدح
وهو ما نريده نحن هنا.. فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة
والمروءة والكمال، وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف
أعني أن يكون رجلا، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق
فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ
الْقُرَى). فهي صفه لهؤلاء الكبار الكرام الذين تحملوا أعباء
الرسالة وقادوا الأمم إلى ربها، وهي صفة أهل الوفاء مع الله
الذين باعوا نفوسهم لربهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلا). وصفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن
الذكر والآخرة (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).
إنهم الأبرار الأطهار (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ
الْمُطَّهِّرِينَ ).
والذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم
أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة هم الذين
يستضيؤون بنور الإيمان ويحققون عبادة الرحمن ويلتزمون
التقوى في صغير حياتهم وكبيرها كما قال تعالى: (إن أكرمكم
عند الله أتقاكم)، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: [من أكرم
الناس؟ قال:"أتقاهم لله] (متفق عليه).
الرجولة بين المظهر والمضمون
الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن
والظاهر، فرب إنسان أوتي بسطة في الجسم وصحة في البدن
يطيش عقله فيغدو كالهباء، ورب عبد معوق الجسد قعيد البدن
وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال. فالرجولة مضمون قبل أن تكون
مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس
تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس
بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد
يكون من أولياء الله وعباده الصالحين وفي صحيح البخاري - (ج
16 / ص 34)
4701 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
سَهْلٍ قَالَ
مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي
هَذَا قَالُوا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ
يُسْتَمَعَ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ مَا
تَقُولُونَ فِي هَذَا قَالُوا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا
يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا.
وقال صلي الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم :
صحيح مسلم - (ج 13 / ص 60)
4754 - حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ
الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ
بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ.
********************
[center]